الأحد، ٢٤ أكتوبر ٢٠١٠

منتهي الضعف

يا لها من كاذبة .. اشاعت انها تدير مملكة القوة .. تحركها باشارة من اصبعها .. انها جد حريصة الا يسكن الضعف شبرا من ارجائها .. لا يحيا تحتها (مملكتها) الا كل طموح متفائل.. للحياة فاتحا ذراعيه .. اعطت للحزن تاشيرة رحيل بلا عودة يوم ملكت زمام امورها هكذا اشاعت .

خدعتني.. كنت أظن إنها حقا قوية متماسكة تستطيع أن تواجه كافة الأزمات .. قادرة علي الصمود ضد الرياح التي تحركها الأقدار.. أو تلك الرياح المصطنعة التي يلقي بها بعض الأشخاص .. حسبتها تخطت مرحلة الوهن ووضعت اقدامها علي سلم الاسوياء .

اتسأل أهي كانت تدري انها بهذا الوهن ؟.. ام انها اكتشفت ذلك عندما وضعت في مواقف كانت تعتقد انها في حكم المستحيل ان تتعرض لها ؟.. او انها لم تتوقع افعال من اشخاص طنت انهم للتضحية مقدر .. وللجميل خير حافظ .

يلومني البعض حينا ويوبخوني حينا اخر .. ليس الا انني وثقت فيها بهذا القدر .. وضعت كافة مقدراتي بين ايديها .. حسبتها موجهتي .. المسئولة عني .. الحضن الدافئ الذي ارتمي فيه وقت خوفي .

لم اتعلم من المرات السابقة فلكم من مواقف تافهة لم تستطع مواجهتها .. عزلت نفسها عن مجريات الحياة .. لم ترضخ لمطالب الاخرين بالتدخل او حتي تقديم النصيحة.. أبت حتي النطق بكلمات تهدئ النفوس .

ولكن اعيد التذكر فاري مراة الاحداث تنقل الي كم كنت سعيدة بهذا الشعور الرائع بان يكون هناك من ترمي همومك بين يديه .. ان يكون هناك مسئول عنك .. يهمه امرك .. قادر علي توجيهك وقت حاجتك اليه.. يساعدك دون مقابل .. كيف لا !..وهذا الشخص هو نفسك وقت صفائها .. شمسك وقت يشتد البرد .. نجمك وقت يعم الظلام .. طبيبك وقت يشتد مرضك.

كنت اتظر اليها بانها قادرة علي ادارة جيش جرار .. تواجه بحزم وقوة كل مايصادفه من عقبات في حرب ضروس .. تظل صامدة وسط الصواريخ .. وسط اصوات الرصاص التي تخترق مسامع البشر .. لا تعبأ بالدماء .. لا تنظر خلفها الا لتصحيح اخطاء تقربها من الفوز .

وباللحسرة انظر إليها الآن كقشة صغيرة تملك مصيرها الرياح الضعيفة تلقي بها في الاجواء كما تشاء .. لاتعبأ بها فهي دمية معلقة بها .. بل وتشكل عبأ عليها فتلقي بها علي الارض وسط الطين والمخلفات فتدهسها الاقدام او تعلق في احذية العباد .

اتعجب من اعترافها الان بانها في منتهي الضعف .. لا تتحمل الالم .. يرتجف جسدها لادني توتر .. يضيق صدرها لحديثا تافها يصدر من افواه مريضة .. او افعالا نتاجا لقلوب متحجرة لاتملك السيطرة علي زمام امورها .. او نظرات لعيون وجفاء تتحرك بلغة المصالح او بلهجة الضلال .

تسرد لي في لحظات صدق واحيانا انهيار انها تهرب من الاخرين بالبقاء خلف الجدران المظلمة التي تمثل نظرات عيونها .. انها متيمة بالانعزال .. تعشق الضوء الخافت الذي يريح اعصابها .. انها صارت حطام لاتستطيع حتي اتخاذ اي قرار.

تبرر ضعفها هذا بانها في النهاية إنسان .. يملك زمام اموره احيانا واحيانا اخري يصيبه الانهيار .. انها حاولت مرارا ان تظل بصورتها صامدة ولكنه صار محال .

تتعجب من اللوم الذي وقع عليها .. تتشدق الان بانها انسانا هزيلا .. يريد ان يستعيد قوته من جديد .. تطمح ان تسترد مكانها المرموق في مملكة السعداء .

فيالها من بلهاء ضعيفة .. ضقت بها ذرعا وعزمت خصامها .. بل وتمنيت رحيلها للعالم الاخر .. واخيرا خاطبتها :"اغربي عني ايتها اللعينة بلا عودة" .