الخميس، ٥ فبراير ٢٠٠٩

أين التأثير؟!


كثيرا ما نعمل دون أن ندرك ما نقوم به ومدي قيمته أو تأثيره علي الآخرين ودرجة أهميته والضرر التي يمكن أن يتحقق إذا لم أقوم به ، والعكس صحيح فكثير مانشعر باننا نعمل مالم يستطع الاخرين القيام به ويكون غير ذات قيمة ، ولكن الاهم ان ندرك فعلا قيمة مانقوم به ونعترف بالتقصير اذا لم ننجح في عمل شئ مؤثر فعلا دون لغة الشعارات .

ففي السنة الأولي بالكلية كانت أكثر معادلة خرجت بها وكانت موضوع التركيز الأول ما يسمي عناصر العملية الاتصالية وهي (مرسل – رسالة – وسيلة – مستقبل أو الجمهور – تأثير – رجع الصدى) ، حتي حفظناها واعتبرناها الثابت الأساسي خرجت من عامي الأول بالجامعة وعلي اقتناع كامل بهذه المعادلة التي كانت علي رأس أي نظرية اتصالية ، أدركت أنني سأكون صحفية أي مرسل هقدم رسالة – نضع تحتها ألف خط – من خلال وسيلة أي الصحيفة أو الموقع – لمستقبل أو الجمهور اللي هيقرا الكلام ده ، ولابد ان أحدث تأثير فيه ، ثم يكون له رد فعل تجاه ما اكتب
لم أكن ساذجة عندما فكرت في ذلك ولكنني قلت إنني التحقت بكلية أحبها ولازم أتخرج منها لأكون صحفية مميزة لها دور ولها رسالة عايزة تقولها

تخرجت والتحقت بالعمل وبعد مرور أكثر من عامين من عملي بمجال الصحافة وضعت الكثير من التساؤلات التي خرجت منها باني لم أقدم أي شي
في مناقشة مع احد الأطباء تناولت الكثير من الموضوعات ، ووسط الكلام بيقول ليا :"يلا يا ستي أسنانك اهي بقت عشرة علي عشرة ، علشان تبقي تفتكريني بالخير " ، فردت أختي عليه قائلة :"الحمد لله بس أنت خربت بيتنا " ، فقال :"يا عامل الخير ما ينوبك إلا عدم شكر الناس ، طيب كنت خلعت أسنانها أحسن بقا" ، وهنا رديت أنا ضاحكة وقلت له :"كنت هتعملها.. حضرتك قلت ليا أول مرة ضرسك ده عايز حاجة من اثنين أما أن تخلعيه وأما أن نعمل له حشو عصب ب ... جنيه ، يعني أما الخلع أو الدفع" ، فرد قائلا :"ده شغلي وكمان مهو انتي ارتاحتي وكدا أفضل من الخلع " ، فردت أختي ضاحكة :"كله أولا فضل الله بس بفلوسنا" ، فقال :"والله ما هخلص منكم .. والله أنا غلطان " ، وقال لي :"انتي في شغلك كصحفية موش بتاخذي فلوس عليه ومثلا لو عملتي حاجة مميزة بيبقي ثمنها أفضل " ، فكرت وقلت :"نعم " ، وقلت له لا تقارن ، قال :"طب ليه" قلت له :"كفاية عليك دعوة مريض لك بأنك كنت بعد الله سبب في شفائه "
فقال :"نعم بس ما أنتي برده شغلك له نتيجة ولا إيه "، هنا رديت وقلت :"طبعا"
انتهي الحوار ، وفي طريق عودتي لبيتنا فكرت في الكلام وقلت طب هذا الدكتور شاف أمامه تأثير عمله في تحسن المريض أمامه وبالتالي فهو صاحب تأثير ملموس ، طب فين التأثير اللي أنا عملته علي مدار أكثر من عامين كانت إجابتي :"لا شئ" نعم لم اعمل أي شئ هذا في رأيي

فكل إنسان لابد أن يكون صاحب رسالة يحاول أن يقوم به ولكن ما الرسالة اللي عايزة أقولها أو أوصلها في كل موضوع أو حتي كلمة اكتبها ، أين اهم ركن من اركان العملية الاتصالية "الرسالة" هل في كل موضوع عملته حددت رسالة عايزة اقولها واذا كانت الإجابة بنعم طب فين "التاثير" ، عدت بالتفكير الي بداية مادرست من نظريات الاعلام وهو ان التاثير لايكون بنظرية الطلقة السحرية او التاثير الوقتي ولكنه يكون علي المدي القريب والبعيد ولكن قلت اين هذا ايضا.

نظرت في كل ما أقوم به يوميا شوية موضوعات وأخبار ، فهولاء زملائي يقولون لي :"يلا شوفي لنا عنوان مطرقع من عناوينك للموضوع ده .. عايزينه اعلي القراءات" ، لاقوم أنا مسرعة اقتراح العناوين ، ولكن أين التأثير أيضا ؟ أين الرسالة؟ هل جذب القارئ هي أخر رسالتي؟!.

يمكن ساعات بندم علي التحاقي بهذه الكلية وهذه المهنة وبقول في نفسي ليه لم اسمع كلام أهلي والتحق بالقسم العلمي وكنت التحقت بأي كلية علمية والسلام واهو كنت هشعر أني بعمل حاجة مفيدة للناس

أخذت كل هذا الكلام والتفكير محمل الجد وتناقشت فيه مع شيخ وأستاذ فاضل وأب اعتز به جدا وبرأيه ، فقال فيما معني كلامه ان التأثير ليس شرط ان يكون تأثير ملموس او واضح والا لخالفنا كل قوانين الطبيعة فنحن لانري الهواء ولكنه يؤثر فينا ، وقال بالكلمة قامت شعوب وأمم وانهدمت شعوب وأمم فكل قائد حقق نصر كان نتيجة مجموعة من المعتقدات والأفكار التي يؤمن ها والتي تأثر بها من خلال احد الأشخاص التي قام بتوصيلها له وإقناعه بها .

وتطرق لامثلة كثيرة من الكتاب والسنة ، وقال بخصوص موضوعنا ان يكون لابد لاي شخص ان يضع أولا في اعتباره ان ما يقوم به من العمل يكون بغرض رضا الله فهو مسخر ، وبالتالي ان أدرك ذلك فسيكون له رسالة يحاول من خلال مهنته ان يوصلها .

ثم قال في نهاية كلامه :"تعالي هنا .. عايزة تفهميني انك بتعملي حاجة انتي موش مقتنعة بيها ؟ " ، وقتها قلت له :"والله ماانا عارفة ".